30 August, 2007

آخرة اليوم الذي ولا علي البال

راجع الجزء الأول

راجع الجزء الثانى

في وصف مصر
القديمة


حمدت الله علي كل شئ .. و أكملت سيري .. ولكن التعب كان قد نال منيّ .. قدماي لم تعد تقوي علي حملي .. وجف حلقي .. الشمس وكأنها تعاقبني علي حماقاتي .. ها أنا ألمح ثلاجة ( كولدير ) من بعيد .. أقترب آخذ جرعة ماء مضاعفة لتساعدني علي متابعة رحلتي .. استعدت جزء من طاقتي أثر الشرب .. أسير الآن بشارع ( أبي سيفين ) الشهير بمنطقة مصر القديمة .. امر أمام محطة مترو الملك الصالح



يقال أن المحطة سميت بهذا الأسم لسبب تاريخي



فعندما مات الملك الصالح نجم الدين أيوب .. أرادت شجرة الدر زوجته أن تتكتم علي خبر موته .. خشية أن يعلم الجنود .. فيصيبهم الإحباط في حربهم مع الصليبيين .. فوضعت جثته في تابوت و ألقته في نهر النيل .. سار التابوت في النيل حتي أستقر في منطقة منيل الروضة الآن .. لذلك فسميت المحطة بهذا الأسم

كفانا درس التاريخ هذا .. و لأكمل مسيرتي .. عن يساري الآن مساحة خضراء محاطة بسور حديدي .. و لكن مجموعة من الصلبان مغروسة في هذه المساحة الخضراء .. أتضح الأمر الآن أنها ( مدافن الأمريكان ) كما تقول اللافتة .. و مساحة شبيهة ملاصقة لها و لكن يفصل بينهما سور حديدي كتب علي لافتتها ( مدافن الألمان ) .. يبدو أن هولاء قد جازفوا بال75قرش الأخيرة ، فلم يستطيعوا أن يُدفنوا في بلادهم



طفل الشماتة



مازالت أسير محاذيا لسور مترو الأنفاق .. ها هو طفل صغير نجح في الحصول علي جنيها كاملا من والده بعد معركة دامية .. كم أحسده علي ثراءه
يالك من محظوظ .. آه لو تعلم أنك أغني منيّ بكثيرفي هذه اللحظة
يبدو أن الطفل سمع حديثي مع نفسي .. و أما قد أخذ خبرا بأفلاسي .. لأنه أخذ يلوح بالجنيه في يده عندما مررت من جواره .. ليس هذا فحسب و لكن الغريب أنه أخرج لسانه ليّ . و كأنما يتعمد أن يجعلني أغتاظ .. أنسي أمره فلعله لن يدرك قيمة الجنيه هذا و سيذهب ليشتري به حلوي تهشم أسنانه

أتجه للثلاجة ( كولدير ) لأشرب مرة ثانية .. فليرحم الله كل من يساهم في وضع هذه الثلجات للمارة .. كم يجنوا من الثواب علي ما يفعلوه من خيرا في العطاشي .. مع كل جرعة ماء جديدة و كأنني أبعث للحياة من جديد



و خلقنا من الماء كل شيئا حي

صدق الله العظيم


هذا هو شاب اصطدم بجدار الواقع الخرساني .. و ادرك أن البطالة داء لا دواء له .. فاعتمد علي نفسه .. وضع أمام منزله منضدة صغيرة و عليها تليفزيون و جهاز بلاي ستيشن تو و أمامهما كرسيين .. حشد من الشباب يتسابق علي الفوز في لعبة كرة القدم


آه لو لم يكن الرهان حرام .. لكنت دخلت و لعبتهم .. وحينها سأضمن أن أدخل شقتي من فوق لا من تحت .. و ذلك بعدما أركن الهليكوبتر علي سطح بيتي .. و لكن



التعب في الحلال خيرا و أنفع من الراحة في الحرام


مسجد .. عمرو بن العاص


ها أنا الآن أمام مسجد ( عمرو بن العاص ) .. أول مسجد في مصر و أفريقيا .. و رابع مسجد في الإسلام .. شيده الفاتح ( عمرو بن العاص ) بأمراً من الخليفة ( عمر بن الخطاب ) رضي الله عنهما .. و هذه المنطقة التي أسير فيها الآن لمن لا يعرفها كانت هي مدينة الفسطاط التي أسسها الفاتح ( عمرو بن العاص ) لتكون أول عاصمة إسلامية في مصر
نطاق أمني واسع و سيارات شرطة .. فالمكان الذي سوف أدخله الآن هو مكان أثري قبطي شهير .. مقصدا للسياح الأرثوذكس .. هو شارع ( ماري جرجس ) .. عن يميني الآن مجموعة من البازارات .. و عن يساري الكنيسة المعلقة الشهيرة .. يليها الحصن الروماني الشهير حصن بابليون .. سميت الكنيسة بالمعلقة لأنها بنيت علي برجين من أبراج هذا الحصن



طفل الدولار



ها هو طفل مشاغب .. لغته الأنجليزية كلها ما هي الا كلمتين .. ( ون دولار ) .. يقف أمام سائحين يابانيين شاهرا يده قائلا : ون دولار
الأحمق لا يعلم أنهما لن يفهما ، لأن العملة اليابانية هي الين

الجوع يتسلل إليّ .. اسمع صراخا .. استشعر مصدره .. أنهما قدماي


أخرج من هذا الشارع الأثري .. لأدخل في منطقة عجيبة ليست بها شوارع .. بل هي مجموعة من الحواري المفتوحة علي بعض .. منطقة عشوائية للغاية .. الناس هنا بسيطة .. مجموعة من ربات البيوت يجلسون أمام عتبات منازلهم .. لتقشير الكوسة و تخريط الملوخية و خلافه .. أنهم أدركوا أن هذا الجو أفضل من جو المطبخ الحار .. أن كانوا أساسا يملكون واحدا .. فحياتهم بسيطة خالية من التعقيد .. مجموعة أخري من النساء بدءوا جلسات النميمة .. النميمة اليوم علي ( أم حسين ) .. أسال شخصا يمر من جواري علي الطريق للخروج من متاهة السندباد هذه

أحمد الله .. فلم يكن الحظ السئ حليفي طوال الوقت .. لقد أشتريت ( باكو ) مناديل ورقية صباحا من ال5 جنيه .. ها لم يتبقي سوي منديلين .. لا يهم .. فأنا اتصبب عرقا
أمشي علي أمتداد الطريق السريع .. و علي يميني منطقة أكثر عشوائية من سابقتها .. البيوت مبنية علي قمم شبه جبلية .. بعدها منطقة صنع الجير و الفخار .. عمال بسيطون للغاية .. يصبون الكرانيش السقفية و السرر و خلافه .. لولاهم ما أصبحت بيوتنا جميلة .. و آخرون يصنعون الأواني الفخارية .. لولاهم ما أكلت طاجن البطاطس باللحم .. في وسط كل هذا تستقر بيوت من دور أو دورين علي الاكثر



طفل المافيا



ها هو طفل صغير مزعج .. متنبأ له بزعامة المافيا .. يمسك عصا و يضرب بها ثلاث خراف صغيرة .. الخراف تجري منه .. يأتي خلفهم و يعاقبهم علي أنهم لم يتلقوا الضرب بسعة صدر


آه لو يعلم خروف واحد فقط كم ميلاً سيجري هذا الطفل ، لو فقط مارس أقل حقوقه في الحياة و ( مأمأ ) في وجهه
و لكن يبدو أننا في عام الصمت ، هذا أن كان هذا العام من النوعية التي تحترم ذاتها ذات ال 365 يوم ، و لكني لا أعتقد ذلك



المدينة



لا يوجد فاصل بين هذه العشوائيات و تلك المدينة الجديدة ، و كأنه خط وهمي يفصل بين الفقر و الثراء ( يالها من طبقية ) .. أنها مدينة الفسطاط الجديدة .. أدخل فيها لأتخذ من ظلال مبانيها درعا واقيا من حرارة الشمس .. الهدوء هنا سمة أساسية .. كم يساعد هذا الهدوء المفتقد علي الإبداع .. رغم ذلك لن تصل هذه المدينة لمرتبة تلك المدن الجديدة التي نشاهدها في التليفزيون

وهنا .. من هذا ؟ .. هل هو فعلا؟ .. أم شبيه .. أنه هو أيضا ينظر ناحيتي .. يقترب .. أنه يقترب منيّ
يحتضني قائلا


أبو صلاح ، إيه الصدف الجامدة دي
يااااااا معقول ، عامل إيه يا محمد وإيه أخبارك ، و بتعمل إيه هنا
أنا ساكن هنا ، أنت اللي بتعمل هنا إيه
أنا في واحد صاحبي ساكن هنا ، جاي أزوره


و قبل أن يتهمني أحد بالغباء .. لأنني لم أطالبه بفلوس مادام هو صاحبي .. نعم هو يمكن أن يكون صاحبي .. و لكن صاحبي من الدرجة الثالثة أن جاز التعبير .. تلك الدرجة التي تخجل ( يالهذه الكلمة المملة ) أن تطلب منها مثل ذلك الطلب .. أني حتي لا أعرفه أسمه الثنائي .. هذا سبب .. و السبب الآخر هو أنه لم يتبقي الا القليل .. فما هي الا ساعة حتي أصل أن شاء الله

ياليته كان محموداً أو طارقاً أو معتزاً أو محمداً غيره أو حتي عبد الرحمن النائم الآن في بيته
وودعته .. و أستكملت مشواري .. نال منيّ التعب شوطا .. بل شوطين و الوقت الإضافي أيضاً .. العطش شديد .. المنديل الأخير في يدي قد تحول إلي عصارة معجون المناديل .. العرق يتسلل إلي داخل عيني فيحرقها بملحيته .. لم يعد ظهري مستقيما بل انحني من كثرة المشي .. دقيقتين في الشمس الحارقة و سأتحول إلي بني آدم مشوي يصلح كوجبة تقدم في محلات كنتاكي للحوم البشر


يصرخ صندلي قائلا
لقد تعبت .. لقد هلكت .. اريحني قليلا و ساستكمل معك
اصمت يا أحمق .. أنا من أملكك .. و لست أنت من تملكني .. لماذا صنعت أن لم يكن للسير


ينظر صندلي إلي الأرض .. فهو من هذا النوع الذي يتأدب بالصياح فيه فقط .. و لا تحتاج لضربه
تشترك الآن فقرتي الأخيرة من عمودي الفقري في الصياح مع قدماي و صندلي
أخرج علي الطريق السريع .. هاهي خيالة الشرطة إلي يميني .. عيون تنظر ليّ من سيارات مسرعة و كأنها تقول
ما الذي جاء بهذا المجنون في هذا الوقت من العام إلي هذه البقعة من العالم


منطقة الكوابيس


يستيقظ أحد المسئولين ذو المنصب الرفيع ليلا مذعورا و يردد
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
تأتي له زوجته بكوب ماء قائلة : خير اللهم ما أجعله خير .. كابوس تاني؟؟
كابوس فظيع .. لقد رأيت نفسي و أنا أمشي بسيارتي من منطقة عزبة خيرالله


هذه هي منطقة عزبة خيرالله التي تقع علي مشارف حدود دارالسلام في كلمات بسيطة ..أما في كلمات معقدة .. فشوارعها تحولت إلي مجموعة من برك المستنقعات و المجاري العفنة .. أن كانت هذه أساسا تسمي شوارع بتعرجاتها و مطباتها التي تزعج السائر علي قدميه .. فما بالك بالسيارات .. تلال من القمامة علي الجانبين .. أشعل فيها الناس النار ليتخلصوا منها .. دخان كثيف و رائحة احتراق مخنقة .. كمية رهيبة من الملوثات .. مجموعة من سائقي المكروباصات يتشاجرون .. تركوا سياراتهم في منتصف الطريق .. الركاب ينادون علي السائق .. فهم حتي لا يستطيعوا أن ينزلوا لأن السيارة تقف وسط بركة من مياه المجاري .. كتمت أنفاسي حتي لا أختنق و أسرعت من خطواتي


أحمد ربنا أيها المسئول أنك رأيت نفسك داخل سيارتك في كابوسك .. فماذا كان سيحدث لك لو كنت سائرا علي الأقدام


شخص يركب دراجة يمر من جواري .. أحسده .. سائق لعربية كارو .. أحسده أيضا
رسميا ها أنا عبرت حدود دار السلام .. و لكن يقرب حوال ثلث الساعة لأصل لمنزلي .. أدندن حتي أتناسي الوقت
أحمد الله الذي جعلني أصمد حتي الآن .. هاهو شارعي يلوح ليّ من بعيد
أدخل شارعي فلا أتذكر غير جملة واحدة من أغنية لعبد الحليم حافظ .. ياصحابي يا أهلي يا جيراني ، أنا عايز أخدكوا في أحضاني


عم محمد الحلاق يقف علي عتبة محله .. أرفع رأسي الثقيلة لألقي عليه السلام .. (سلامو عليكم) تخرج منيّ مصحوبة بالوضع سايلنت فلا أسمعها .. وهو أيضا لم يسمعها .. لأنه لم يرد السلام
ها هو منزلي .. أخيرا عرفت قيمتك .. أنت أهدي مكان في العالم


أنظر لصندلي
أوعده بوجبة ورنيشية تلميعية
أوعد قدماي بوجبة ساخنة مقرها تشت ميه بملح
أوعد دنياصورات بطني بوجبة غداء مضاعفة
أوعد رأسي و عضلات جسمي بوجبة نومية طويلة


أحمد الله أن أبي أختار الدور الأول حينما تزوج أمي .. أضغط علي الجرس لأني لا اقوي علي إدخال يدي في جيبي لأستخراج المفتاح .. يُفتح الباب .. ألقي نفسي علي أول كرسي .. أخلع صندلي .. انظر لقدماي .. أنهما تورمتا بالطبع .. أرفع رأسي الثقيلة إلي ساعة الحائط
كنت قد خرجت من مبني الإذاعة و التليفزيون الساعة الثالثة ألا ربع .. و عندما دخلت بيتي دقت السادسة تماما

و لكن في النهاية


وصلت بحمد الله

29 August, 2007

بقية اليوم الذي ولا علي البال

مجبر العبد لله لا بطل


حمدا لله أن مكالمتي مع عبد الرحمن لم تتجاوز الدقيقة .. و ألا ما تركني صاحب الكشك أن أغادر بقميصي
نظرت لمبني روز اليوسف .. ودعته وودعت معه أمالي .. شعور غريب ينتابني بأن حماقتي التي جعلتني آخذ 15جنيه فقط من الفلوس ، و حماقتي الكبري عندما جازفت بال75قرش لن تجعلني أعود منزلي سالما
ألا أنني لم أكن لأجازف بهم ، لولا علمي بأن عبد الرحمن متواجد هنا .. ليتني سمعت كلام تايلر

أكملت مسيرتي بشارع القصر العيني أشاهد المباني يمينا و يسارا .. هاهي مدرستي الثانوية .. يالها من أيام .. كانت أجمل أيام حياتي بحق .. أنها مدرسة الإبراهيمية ثانوية مشاغبين أقصد بنين .. و هاهو معهد التعاون بمقابل المدرسة .. كان المراهقين يتسابقون إلي شارع المعهد بعد أنتهاء اليوم الدراسي .. يومهم الدراسي كان حصتين علي الأكثر .. بوابة خروجهم كانت السور الخلفي .. كانوا يذهبون إلي شارع المعهد لمشاهدة الفتيات ذوات الميني جيب

هذا هو القصر العيني الفرنساوي .. يليه كلية الصيدلة .. كم كان حلم حياتي الألتحاق بها .. الحمد لله علي كل شئ .. ها أنا الآن أعشق الصحافة والإعلام


و عسي أن تكرهوه شيئا و هو خير لكم


و هنا كان بوسعي السير في هذا الشارع حتي الكورنيش .. حتي أدخل دارالسلام من ناحية محطة الزهراء .. فقد أقتنعت بأن السير هو الحل الوحيد .. ألا أنني فضلت أن أتجه يسارا حتي محطة السيدة زينب علي أن أدخل دار السلام من طريق الخيالة

وصلت محطة السيدة زينب هذا هو السلم و هذا هو نفق عبور المشاه .. فضلت النفق رغم علمي بأن كليهما واحد .. و الفرق الوحيد أن النفق تنزل أولا و تصعد ثانيا أما السلم فالعكس .. الناس جميعها تفضل أن تترك الصعوبات آخراً

هذا هو سور مكتبات السيدة زينب .. كم تقدر هذه المكتبات بملايين الدولارات بما تحويه من كنوز المعرفة .. هذا السور يشبه سور الأزبكية ولكنه أصغر قليلا

عند هذه النقطة كنت ممكن أن أكون جالسا في سيارة لا أنزل منها ألا أمام شارعي .. و لكنها تحتاج إلي 75 قرشا .. ليتني أملك آلة الزمن

أخذت شارعا موازيا لخط المترو .. ما هذا؟؟
هذا الشارع عندما مررت منه آخر مرة لم يكن بهذه الحالة .. لقد تحول إلي مجموعة من جبال القمامة .. كيف ذلك المفترض أنه يمر من هنا سيارات كثيرة .. مجموعة من الذين أقتنعوا بأهمية تدوير النفايات والمخلفات ومحاولة الأستفادة منها ينبشون في القمامة بأيديهم العارية .. هذا يجمع أخشاب .. وآخر يجمع كراتين ورقية .. و ثالث يتشاجر مع رابع علي وليمة من المواد المعدنية

كنت أعلم أننا بعد قليل سأدخل علي منطقة الملك الصالح بمصر القديمة منشأ أبي و أمي ومحل سكن معظم أقاربي .. فكان من الممكن أنا أذهب لأحد من أقاربي و ينتهي الأمر .. ألا أن خجلي جعلني أرفض الأمر خاصة و أنني مقصر في زيارتى لهم من مدة
كما أنني لا أريد أن أبدو في صورة ( المصلحجي) ، أي أني لم أتذكرهم ألا حينما وقعت في مشكلة

تناسيت الأمر .. و أكملت سيري .. ألا أنني حينما وصلت إلي الملك الصالح .. شعرت بأنه قد خارت قواي و تعبت قدماي

فليكن ما يكون .. سأذهب لأحدي خالاتي و أطلب منها جنيها و أكيد ستعطيني أكثر من ذلك بكثير .. و جاء وقت الدخول لشارع خالتي .. ألا أني وجدت أن عقلي يعمل بسرعة كبيرة .. و يعمل .. و يعمل .. حتي أستقر عند نقطة واحدة .. عند جملة واحدة .. قالتها ليّ أمي صباح اليوم .. جملة ظلت تتردد في ذهني .. ثم تخبو و تخبو تدريجيا


أنــــــــــت هتيـــــــــــجي مــــــش هتــــــــــلاقيني ، عشـــــان رايــــــحة أنـــــــا وخالاتـــــك نفـــرش شــــقة خالــــــــــتك
أنـــت هتيــجي مـــش هتــــلاقيني ، عشـان رايـــحة أنـــا وخالاتـك نفـرش شـــقة خالـــــتك
أنت هتيجي مش هتلاقيني ، عشان رايحة أنا وخالاتك نفرش شقة خالـتك



فرح خالتي يوم الخميس القادم ( عقبال عندكم ) .. بالطبع ذهبت أمي وخالاتى كلهم ليقوموا بفرش الشقة

و لك أن تتخيل أين شقة خالتي هذه ؟؟

و أن كانت الإجابة متوقعة بعدما أعلن مجلس الحظ بأغلبية أعضائه منع المعونة الحظية الجيدة عنيّ .. لا يهم - منعهم للمعونة .. خيرا من أن يعطونا إياها و يذلونا .. أو يملكونا
هي في دار السلام .. نفس الحي الذي أسكن فيه .. ذلك الحي الذي هو أقل من عام و لن تجد النملة جحرا لها و لو حتي قانون جديد
كنت أنوي إنهاء أحداث هذا اليوم هذه المرة ، ألا أن الظروف منعتني ، علي أن يكون غدا نهاية رحلة و أحداث هذا اليوم الغريب


to be continued

28 August, 2007

يوم ولا علي البال

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه .. الحمد لله في السراء و الضراء


أمس مر العبد لله بيوم عجيب جدا ، يمكن أن يكون درسا و يمكن أن يكون تجربة ، ويمكن أن يكون نظرة لأحوالنا ، وبالطبع وجدت أن هذا اليوم جدير بالتدوين و ألا ما فكرت بذلك ، فقد تبدو أحداثه مضحكة ، و قد أبدو منحوسا و قد أبدو محظوظا ، لما كان هذا اليوم طويل فلن استطع سرده مرة واحدة .. المهم


استيقظت الساعة العاشرة صباحا علي غير عادتي ، فقد كنت تلقيت هاتفا من الإذاعة و التليفزيون يفيد بدأ تدريبي بقطاع التليفزيون و عليّ التواجد الساعة الواحدة ظهرا

و رغم أن حالتي المادية هذه الأيام علي ما يرام ، علي الاقل بالقدر الذي يكفي مصروف جيبي لعدة أيام.. فقد كنت تلقيت راتبي الأول و التاريخي من عملي بالصحافة .. و هو ليس تاريخيا في قيمته المادية و لكن في قيمته المعنوية .. فهو أول راتب ليّ أحصل عليه من العمل في مجال دراستي .. مجال الصحافة


ألا أنني لا أدري أي حماقة جعلتني أسحب 15 جنيه فقط من فلوسي و تركت الباقي بدرجي

المهم .. نزلت و كانت الفلوس عبارة عن ورقة ب5 وورقة ب10 ، بدأت أصرف من ال5جنيه مواصلات .. و تذكرة مترو .. و موبيلات ، ولم أدري كم تبقي من ال5 جنيه حينها
حينما وصلت تعرفت علي أصدقاء التدريب ، و جاء حظي في مجموعة مكونة من ثلاث بنات ، و أنا رابعهم ، و أثناء متابعة استخراج التصاريح

ها هي تلك المواقف الحمقاء التي تجعلك غير شجاعا أمام البنات

مد الموظف يده بأربع ورقات قائلا : كل واحد يملئ الأستمارة دي ، و إيده علي 10 جنيه عشان الكارنيه اللي هتدخلوا بيه بعد كده
آه .. لم تكن في الحسبان أبدا .. لن أستطيع أن أقول له أني سآتي بها غدا ليس خوفا منه و لكن تحاشيا للأحراج أمام البنات ( يالها من طبيعة) .. الحمد لله أني معي ال10جنيه .. كارنيه ب10جنيه( شكله هيكتبه بمية الدهب ) ودفعت
غادرت المبني بعد انتهاء التصاريح .. داعبت جيبي .. أخرجت ما به من فلوس (ذلك الشعور العجيب الذي يدفعك للأطمئنان لا أكثر) .. مفأجاة من العيار الثقيل


ال75 قرش


ماذا أنا فاعل بهذا المبلغ ؟؟ .. لو زاد فقط 25 قرش لزالت المشكلة و حصلت علي تذكرة مترو .. مشيت حتي موقف عبد المنعم رياض بحثا عن أتوبيس فئة 50 قرش .. لم أجد شيئا يتجه لدار السلام محل سكني أو حتي قريبا منها .. تأزم الموقف و بلغ ذروته .. ال75 قرش لا فائدة منهم .. بالطبع لن أجرؤ علي الطلب من الغريب .. فقد أصبحت لا أثق في من يفعل ذلك .. فكيف أطالبهم بالثقة فيّ .. هل لن يبقي أمامي غير هذا الحل الأصعب .. هل سأسير ماشيا علي الأقدام حتي دار السلام .. جاء وقت الأختيار هل سآخذ طريق الكورنيش أم أدخل من شارع القصر العيـــــ

لا لا .. لقد تذكرت أن السيارة من السيدة زينب حتي دار السلام ب75 قرش .. الحمد لله لن يكون أمامي الا أن أسير فقط حتي السيدة زينب .. ليس الأمربهذه الصعوبة

ها هو مجمع التحرير رحمه الله .. أراه فأتذكر فيلم الإرهاب و الكباب .. دخلت شارع القصر العيني .. الجو حار جدا .. ها هو مجلس الشوري .. دار الأدباء عن يميني .. مكتبات أقف فأتطلع إلي الكتب .. مبني كذا عن يميني .. مجلس كذا عن يساري .. مؤسسة

ها قد وقعت عيني عليها .. الحمد لله .. لن أسير بعد اليوم .. لن أتعب .. لن يشكو صندلي أبدا .. سأحصل علي وجبة غداء رائعة .. تذكرت لقد قال ليّ عبد الرحمن صديقي أنه سيكون هنا اليوم
لقد قال ليّ : بص أنا أساسا هأبقي في روز اليوسف ، و هأخلص و أتصل بيك


الحمد لله .. تفرد موسسة روز اليوسف ذراعيها لتحتضني .. أحمدك يارب .. و لكن ثمة مشكلة صغيرة
لن أصعد هكذا من نفسي ( أنه ذلك الخجل الذي ولدت به) .. ماذا أفعل .. أنظر لموبيلي .. آخر من يرغب آي شخص في سماع صوتها
أنها تلك السيدة التي تردد : أنت الآن في فترة السماح ، ولذلك فأن .............. ، ياله من حظ .. أنظر يميني ويساري .. لافتة تغري آي شخص بمكاني و لكنه أكيد سيتردد
لافتة تقول .. هنا موبيل أتكلم براحتك
توجهت إلي الكشك المواجه لمبني روز اليوسف

الدقيقة عندك بكام يا عم
ب75 قرش بس

يبدو أن الدقيقة ذات ال50 قرش أصبحت محرمة
أمسك الموبيل ، أطلب رقم عبد الرحمن .. و فجأة

يظهر أمامي ( تايلر ) بطل فيلم و رواية نادي القتال
ينتزع مني الموبيل قائلا : لا تجازف يا أحمق أنها ال75 قرش الأخيرة ، أنت لست مالك ، أنت لست أمالك ، أنت لست
أقاطعه صائحا بعد أن أخذت الموبيل منه : مالكش دعوة يا عم أنت ، و أمشي أتشطر علي واحد تاني ، و لا أرجع يا عم لأدوارد نورتون بتاعك .. وفكك مني بقي

جرس .. جرس طويل (رد ياعم مش وقتك خالص) .. قلبي تزداد دقاته .. أخيرا

سلامو عليكم ، أزيك يا عُبد
إيه ياريس ، أنت فين دلوقت

أنا واقفلك تحت روز اليوسف أهوه
روز اليوسف إيه ، أنا في البيت يابني

أستمر عبد الرحمن في الكلام .. غير أني لم أسمع أي حرف بعد هذه الجملة الأخيرة .. فقد كنت أبحث عن قلبي الذي سقط أرضا
و عند هذه النقطة سأتوقف ( غصب عني ) ، علي أنا أتابع في المرة التالية تلك الرحلة الغريبة التي أنتظرتني
to be continued

26 August, 2007

خذوا الحكمة من فاه تشاك بولانيك

هذه العبارات جاءت علي لسان شخصيات رواية ( نادى القتال ) الشهيرة .. لمؤلفها : تشاك بولانيك .. تبدو كل عبارة وكأنها حكمة


أنت تبتاع الأثاث و تقول لنفسك : هذه آخر أريكة أحتاج إليها في حياتي. ابتع الأريكة ، و بعد عامين أنت راض بأنه مهما حدث فعلي الاقل قد ظفرت بأريكتك ، ثم طاقم الأطباق المناسب .. ثم الفراش الأمثل .. الستائر .. البساط .. ثم تجد نفسك حبيس عشك المفضل ، و الأشياء التي اعتدت أن تمتلكها تمتلكك الآن


لقد ظلت تبكي بين ذراعي طيلة عامين أثناء العناق ، و الآن هي ميتة .. ميتة علي الأرض .. ميتة في وعاء لحفظ الرماد .. ميتة في ضريح .. في قبو لحفظ أوعية الرماد .. الدليل علي انك في يوم تجهد نفسك في التفكير ، و في اليوم التالي أنت سماد بارد للأرض .. مأدبة للديدان . هذه هي معجزة الموت المذهلة


لم تحلم قط بأن تستمتع إلي هذا الحد .. لقد عادت للحياة ، لقد استعاد جلدها رونقه .. لم تر شخصاً ميتاً طيلة حياتها .. فلا معني للحياة لأنها لا تستطيع أن تعقد مقارنة بين حياتها و بين شئ آخر .. و الآن كل هذا الموت و الحزن و البكاء .. يمكنها الآ ن أن تحب حياتها

لو أن تعرف ما تريد .. تنته بأشياء كثيرة لا تريدها


حتي بدون عش يعتبر الطائر العالم بيته


فقط بعد ما تفقد كل شئ .. تصير حراً كي تعمل أي شئ


إن الناس إذا اعتقدوا أنك تحتضر , يعطونك كامل اهتمامهم .. إذا كانت هذه هي آخر مرة يرونك فيها فإنهم يرونك حقا .. و ينسون كل شئ آخر عن دفاتر شيكاتهم و أغاني الراديو و العناية بشعرهم . إنك تظفر باهتمامهم الكامل .. الناس هنا يصغون بدلا من انتظار دورهم للكلام .. و حين يتكلمون يحكون لك قصة . حين تتكلمان معا تبنيان شيئاً ، و حينما تنتهيان يغدو كل منكما مختلفاً عما كان


أنتم لستم ما لديكم من مال في المصرف .. أنتم لستم وظائفكم .. أنتم لستم أسركم .. أنتم لستم ما تقولونه لأنفسكم .. أنتم لستم أسماءكم .. أنتم لستم مشاكلكم .. أنتم لستم أعماركم .. أنتم لستم آمالكم


هذه معجزة الموت المذهلة . في ثانية أنت حي تمشي و تتكلم .. و في الثانية الأخري أنت شئ


الإعلانات جعلت هؤلاء القوم يطاردون السيارات و الثياب التي لا يحتاجون إليها . هناك أجيال ظلت تعمل في وظائف تكرهها فقط لتستطيع شراء أشياء لا تحتاج إليها.. لا توجد حروب عظيمة في جيلنا و لا كساد عظيم .. لكن لدينا حرب عظمي للروح .. لدينا ثورة عظمي ضد الثقافة . الكساد العظيم هو حياتنا


نحن أطفال التاريخ الاوسطون الذين ربانا جهاز التليفزيون و قال لنا إننا يوماً سنصير مليونيرات و نجوم سينما و نجوم موسيقا روك ، لكن هذا لن يحدث . ونحن الآن نستوعب الحقيقة





أنا لا أري أننا متميزون . لكننا لسنا قمامة و لا مخلفات كذلك . نحن نحن فحسب . و ما يحدث لنا يحدث فحسب




علي المدي الزمني البعيد سيهبط معدل حياة الإنسان إلي صفر

ترجم رواية ( نادي القتال ) إلي العربية

الكاتب الكبير د. أحمد خالد توفيق


21 August, 2007

قرص الإنقاذ الذي لا ينقذ....الجزء الثاني

الجزء الثاني : إنتقام ثائـــر


وقف الجميع مذهولين بعد أن باغتتهم المفأجاة ، ففي جزء من الثانية كور العجوز قبضته ولكم الضابط في فكه لكمة تطيح بمحمد علي كلاى نفسه ، ورغم ذلك لم تألم اللكمة الضابط أكثر مما ألمته الدهشة ، وتسمر العساكر للحظات لا يعلمون ماذا يفعلون حتي قرروا الهجوم علي العجوز مشهرين أسلحتهم ، و لكن يبدو أن الحالة الهسترية التي أصابت العجوز جعلته لا يخاف حتي لو أتوا عليه راكبين دبابة ، فتحول العجوز إلي أدهم صبرى وبدء يقاتل كالمجنون ، ركلة للعسكري الاول ، ومسك الترابيزة المجاورة له و أنزلها علي رأس الثاني ، وطوحها في الهواء موجهاً إياها نحو الثالث الذي استقبلها علي غير رحب و سعة و حين بدأ الضابط يعتدل من وقعته أثر اللكمة أخذ يسب و يلعن و مد يده إلى جراب مسدسه ، و لكن لم يخطئه كوب الشاى الذي هوى علي رأسه كصخرة من جبل المقطم بعد أن التقطه العجوز من ترابيزة أخرى ، وبدا و كأنه يشكر الله علي أن مقر القتال هو المقهى لوجود كل هذه الأسلحة

كانت المفأجاة كفيلة بأن تسمر أعتى الرجال و أكثرهم شراسة في مكانه ، ولذلك فلم يجرؤ أحد علي التدخل أو فض النزاع علي غير عادة المصريين المجاملين في مثل هذه المواقف ، ثم عادوا إلي التحديق مرة أخري للعجوز وهم مندهشين ، فأذ به يبصق علي الأرض و يستدير مغادرا الحلبة ، و الغريب أنه لم يلتفت خلفه حتي خرج من الشارع و كأنه لا يهاب أن يباغته أحد من الخلف

كان بمقدور الضابط أن يلحقه بسهولة أو حتي يلحقه أحد العساكر ، أو يستخدموا السلاح معه من الخلف ، و لكنهم يحتاجون لأضعاف عمرهم حتي يفوقوا من المفأجاة و الذهول

قام الضابط ونفض ثيابه و مسح خيط الدم الذي سال من رأسه مستخدما منديلا ورقيا ، ونظر للمحيطين به نظرة نارية ، نظرة لو سألت الناس عنها لقالوا أنهم رأوا في عينه أشد البراكين ثورة غير قابلة للخمول ، استقل الضابط السيارة التي تعد الوحيدة التي نجت من الخراب ، و ركب عساكر الشطرنج صامتين بعد أن فشلوا في حماية الملك من ( كش مات) ، علم أصحاب المقهى أن اليوم لن يمر علي خير ، و رغم ذلك صمموا علي أن يكملوا اليوم علي اعتبار أنهم ليس طرفا في هذه المعركة التي لن يصدقها بشرا ما دام لم يشاهدها علي الهواء مباشرة ، فهذا هو يوم الخميس فكيف يغلقوا المقهى في هذا الوقت المبكر

و بالفعل كما توقع رواد المقهى لم تمضى الثلاث ساعات حتي سمع الجالسين أصوات السرينة ، و دخلت إلي الشارع ثلاث عربات شرطة من نفس الطراز السابق و رابعة من طراز البوكس ، و كأنهم جاءوا للقبض علي سفاح المعادى حتي أن القهوجى نظر إلي السماء معتقدا أن أشارة مرور جوية لعينة قد عطلت طائرات الفانتوم و أف 16 عن المجئ

أستشاط الضابط غضبا حينما لم يعثر علي العجوز أو يستدل علي مكانه من رواد المقهي الذين قالوا أنه لا يسكن هنا ، و تكرر مجيئه هنا منذ شهر تقريبا ، و بالطبع لم يصدق الضابط و كأقل واجب منه حمل كل رواد المقهي و حتي أصحابها في البوكس و عقل باله يقول هناك هأعرف شغلى معاهم ، و اعرف أزاى أخليهم يقرو علي العجوز أبن ال ........ وساعتها

أما عن العجوز فهناك احتمال من اثنين
أولهما : أن يكون ليس فقط فشل في تلك الليلة بعد ارتفاع ضغطه و انفعاله الحاد ، ولكن حكم عليه بالفشل ما بقى من عمره
ثانيهما : أن يكون قد اكتشف أنه أسداً جسوراً بعد أن هزم حفنة من الذئاب ،ولا يحتاج أبدا لمثل هذه الأقراص التى أصبحت غير منقذة

تمت بحمد الله

ملحوظة
القصة عن أحداث وقعت بالفعل

20 August, 2007

قصة من جزئين .. قرص الإنقاذ الذي لا ينقذ

الجزء الأول : زائر علي غير العادة


جلس العجوز علي مقهاه المفضل ، وطلب شيشته المعتادة ، فجاءه القهوجي في غضون دقائق حاملا الشيشة ، ثم وضعها بجوار العجوز وبدأ يختبرها وحينما انتهي مد يده بالمبسم للعجوز ، الذي بمجرد أن وضع المبسم وبدأ في التدخين حتي اراح ظهره علي كرسيه ووضع ساقا فوق الأخري مما أكسبه شموخا ، أو ربما أكسبه إياه سنواته الستين و خصلات شعره البيضاء


كان يدخن بيده اليسري ، فمرر يده الأخرى علي جيبه الأيمن وكأنه يطمئن لوجود شيئا فيه ، وحينما اطمئن لوجود الشئ ارتسمت علي وجهه ابتسامة صغيرة من نوع ( يا مسهل يارب ) ، فهو يمنى نفسه بليلة طيبة منتظرة مع زوجته ، ليلة يريد أن تتم علي أكمل وجه ، ليلة تنتهى بكفاءة عالية ، كفاءة يصنعها ذلك القرص المنقذ الذي اطمئن إلي وجوده في جيبه منذ قليل


و لكن ليت كل ما يتمناه المرء يدركه ، فقبل أن ينتهى من حجره الأول في شيشته ، دخلت إلي الشارع سيارة شرطة صغيرة من فئة ( أتارى) ، ووقفت أمام المقهى مباشرة ، وهبط منها ضابطا اتضحت علي وجهه إمارات القسوة ومعه ثلاث عساكر


منع الضابط مجموعة من الذين حاولوا أن يهربوا ، ويبدو أن المقهي هو هدفه ، فبدأ في تفتيش كل من جالس علي المقهي ، وحينها توتر العجوز و أحمر وجهه فهو لا يحمل شيئا ضد القانون ولكنه خجل من أن يفتشه الضابط و يخرج قرص الفياجرا ، وحينها سيكون صيدا للسخرية سواء من الضابط أو من الناس سخرية لاذعة من طراز(بعد ماشاب ودوه الكتاب) أو من طراز( ياعم أنت فيك نفس) أو( ياحج أنت رجل في الدنيا و رجل في الأخرة) ولذلك فتوصل العجوز إلي الحل النهائى ، الحل الذي سينقذ كرامته و شموخه التي اعتادهما رواد المقهى


جاء الدور علي العجوز ليتم تفتيشه وحينها مسك الضابط من ذراعه و اقترب من أذنه هامسا : عاوزك في حاجة يا باشا ، اندهش الضابط و ارتفع حاجبه في استغراب ، ولم ينجو كل الواقفين من الدهشة
رد عليه الضابط في اقتضاب : خير ياعم أنت راخر عاوز ايه يا سيدى
قال العجوز : ياباشا أنا مش وش بهدلة ، و كل اللي معايا قرص فياجرا مش عاوزه يطلع ؤدام الناس عشان متحرجش ، هوه ده كل اللي فيها


لا تكفي الكلمات لتصف دهشة و استغراب العجوز عندما مسكه الضابط من كتفه مسكة مهينة و قال بأعلى ما يملك من صوت : طب إيه رأيك بقى أن أنا هسيطك وهقول أن أنت راجل معندكش دم ، ياخى روح اختملك القراءن بدل متفكر في التظبيط و أنت في العمر ده ، ياخى دا أنت خلاص اتسحبت رخصك و متنفعش تتجدد


أما ما حدث بعد ذلك فأشد غرابة ، ولا يخطر علي عقل بشر

to be continued

19 August, 2007

دوام الحال من المنال

نعم لا ترد عينيك إلي العنوان مرة أخري ، فهى كما قراءتها دوام الحال من المنال و ليس المحال

فقد ظللت أبحث عن حرف الحاء كثيرا و لكني لم أجده ، وظللت ، و ظللت ، حتي تأكدت بأنه راح ضحية للظلم و الفساد المحلقين فوق رؤوسنا ، ضحية للأطماع التي ابتلعتنا ، ضحية لسحابة من الصمت علي الظلم ، سحابة غطت نور شمس العدل و الصلاح


فلم يتبقي غير أن دوام الحال من المنال


قديما

كانت القاعدة المتعارف عليها قديما هي دوام الحال من المحال ، فكان أمرا مستحيلا أن تدوم إمبراطورية الظلم ، وكانت أضعف من أن تقاوم انهيارها ، فكم بلد ساد فيها الظلم و الطغيان و الفساد في الحكم وتدهور شعبها ، حتي بلدنا لم تنجو من ذلك قديما فقد جرعت مئات الكؤوس من البطش و التنكيل و الظلم الا أنه في النهاية

ما طار طير و ارتفع حتي كما طار وقع


الآن

أما الآن فالأمر مختلف فدوام حالنا علي ما نحن فيه هو المنال هو المرغوب ، طالما هناك ذئاب متوحشة تريد أن تنهش في لحومنا و تمص دماءنا ، وذلك بعد أن برعت في تخدير ملك الغابة


فأخبرني أنت كيف تحصل هذه الذئاب علي وجبتها غير المشروعة في جو من العدل و الصلاح و الديمقراطية و المساوة ، ولذلك فهذه الذئاب يفيدها أن يظل الفساد قائما ، الظلم قائما ، الجهل قائما ، الصمت قائـــــــــــــــــــــــــــــما




لقد شاهدت فيلم "شئ من الخوف" عشرات المرات ، الا أن هذه المرة الحت علي مسامعي جملة قالها واحد من رجال عتريس ، رجال عتريس الذين ( هيتقطع عيشهم لو فكر عتريس انه يتوب) ، لأن قوت يومهم معتمد علي ( الإتاوة) المفروضة علي ( الدهاشنه) ، ولذلك فقد غضبوا عندما رأوا عتريس (حب يشوف نفسه) و يتجوز فؤاده ، لأنه بقي متكاسل في إرعاب أهل القرية وحرق أراضيهم وتجميع الإتاوة وقعد بقي للتنجيد و لفؤادة


المهم نرجع للجملة ...... حين كتب المأذون عقد قران عتريس الباطل علي فؤادة ، و جاء وقت التهاني و إطلاق النار ، تسابق رجال عتريس في تهنئته ، وقال أحدهم : ؤعبال ما نشوف عتريس الصغير


قد يظن البعض أن هذا الدعاء ما هو الا نفاقا أو مجاملة زائفة لزعيمهم عتريس ، و لكن الحقيقة غير هذا فهو تمني مرغوب و قد يدفع رجال عتريس أنصاف أعمارهم لتتحقق هذه الأمنية ، فسيأتي عتريس الصغير و يسير علي نهج أبوه عتريس و نهج جده الأكبر عتريس ، و بذلك ضمن الذئاب (قصدي رجال عتريس) أن يجدوا ما ينهبوه

16 August, 2007

شيكاجـــــــــو

شيكاجو ...... هي عمل رائع بحق ، عمل لا يقل قيمة و قدراً عن سابـــقه روايــــة "عمارة يعقوبيان" ، عمل أن دل على شئ فهو يدل علي وجود أديب عملاق لا يستهان به
بدأت رحلتى مع علاء الأسوانى بسماعى عن فيلم جديد يسمى "عمارة يعقوبيان" و عن هذا الجدل الذي حام حوله ، فتارة اسمع أن الفيلم يسئ لمصر ، و تارة أن الفيلم يحوي شذوذا جنسيا و غيره من الامور التي لم نتعود عليها من خلال أفلامنا ، الا أننا لم أكن قد رأيت الفيلم بعد
وحينما جاءنى الفيلم وجلست أمامه ما يقرب من الثلاث ساعات لكي اتابع ذلك الفيلم الذي أثار ضجة كبيرة ، حينها أدركت سر هذا الهجوم عليه ، وهو رفضنا لمواجة مساؤنا و مساؤى النفس البشرية و مفاسد مجتعنا الذي لوثه حفنة من المخلوقين لهذا الغرض ، وكل هذا هو ما ارتكز عليه أدب علاء الأسوانى
حتي في روايته الجديدة "شيكاجو" التي لم أتاخر في ان احصل عليها ، تلك الرواية التي بمجرد أن تبدأ في قراءتها حتي تجد من الصعوبة أن تتركها أو تنحيها جانباً ، فمن الناحية اللغوية يتمتع الأسوانى بلغة سلسة و لغة عربية راقية تصيب الهدف باستمرار ، و تحمل الرواية اسلوباً مشوقا مع صفحاتها الأولي وحتي النهاية ، و تصويرا رائعا لشخصياتها
ركزت شيكاجو علي الفساد في المجتمع المصري والظلم الذي يقع علي المصريين و الذي تسبب في زرع سلبيات وحقد وغل و كراهية في النفس البشرية ، كما لم تتخاذل الرواية عن إيضاح اننا سبب رئيسى لهذا الفساد بخضوعنا وصمتنا وخوفنا ، مما حولنا إلي شعب منكسر يقبل الخضوع والذل و المهانة
كما ركزت علي نظرة المجتمع الأمريكى لمصر و العرب كافة بعد أحداث 11 سبتمبر ، تلك النظرة العنصرية في أمريكا التي تدعي أنها بلاد الحرية ، فهي نفسها التي تفرق بين أبيض و أسود و تطلق علي العربى أنه إرهابى
ولعل أكثر ما برع فيه الاسواني هو تصويره للخسة و الدنيئة و صور العذاب و الذل الذي يقع علي المصريين في أقسام الشرطة و أمن الدولة متمثلة في شخصية "صفوت شاكر" ، و علي ما يبدو أن هذا الأمر يؤرق منامه فلم يتخاذل أن يركز عليها في روايته عمارة يعقوبيان
و لكن الغريب في شيكاجو
ثمة تركيز عجيب و مكثف علي الناحية الجنسية بشكل مبالغ فيه ، و اكاد أجزم أن الغالبية العظمي من قرائها يتفقون معىّ في ذلك ، واكاد أجزم ايضا أن أغلبية شخصيات الرواية لم يحرمها الأسوانى من الجانب الجنسي ، ذلك التركيز الذي رد عليه الأسوانى في أحدى حواراته بأن الجنس حاجة أساسية من حاجات الأنسان ، ولكنني أرى أنه زاد عن الحد المقبول و بخاصة أنه قد حرم قطاع من البنات من قراءتها بأمر من آبائهم أو أمهاتهم
ولكن في النهاية .......... نستطيع أن نقول أن العمل في مجمله يستحق أن ترفع له القبعات ، ومتوقع أن يتهافت عليه المنتجين لتحويله إلي عملا سينمائى كسابقه

ريشة ........... فنان

هذا البورتريه الكاريكاتوري رسمه لي الفنان الشاب عبد الرحمن أبو بكر الذي ما تقع عينيك علي احد اعماله الكاريكاتيرية حتي تدرك من الوهلة الأولي ان المستقبل يحمل له بين طياته نجاحا باهرا ان شاء الله

اما علي المستوي الشخصي فهو صديقي الذي ارتطبت به منذ دخولي الجامعة غير انه زميلي في الكفاح الصحفي ولا تستعجب حين تعلم انه صحفيا ايضا يعني صحفي و رسام 2 في 1 (مش شامبو يعني) علي حد قوله في مدونته

وأخيرا ....... اتمني لك مزيد من النجاح في مجال الرسم و ايضا في مجال الصحافة (اللي هنفضل ماسكين فيها بايدانا و سنانا مهما قبلتنا عقبات) ونجاح في مدونتك الجديدة و مبروك عليك المدونة
يا بورتراوي

بـــــــــــــــــــــــداية

بسم الله الرحمن الرحيم


من الطبيعي أن يرغب كل إنسان في التنفيس عن نفسه و إخراج الكبت الواقف بكلتا قدميه علي صدره ، ويرغب أيضا في مشاركة الأخرين أحلامه و طموحاته و حتي همومه

ولأنني علي ما اذكر لازلت إنسانا ، فقد تمكنت مني هذه الرغبة السابقة فوجدتني غير منتظما في ان امسك قلما و ابدأ ذلك التنفيس في أجندتي الخاصة

ولطالما بحثت عن وسيلة أخري أوسع من هذه الأجندة الدفينة في درجي ، حتي قررت و الحمد لله عمل مدونة اسميتها بالهدف منها.........تنفــــــــيس

اما عن خطة مدونتي فلن أجد خطة محددة لها ، لأنني قررت ان اتحرر من أي قيود و اكتب في كل ما اجدني قادر علي الكتابة فيه

واخيرا وليس آخرا ........ اتمني من الله ان يوفقني في هذا العالم الجديد